النظرية السلوكية


النظرية السلوكية في اكتساب اللغة




تعد النظرية السلوكية (Behavioural Theory) إحدى نظريات علم النفس الخاصة بالتعلم. وتطرح فكرة أن تعلم جميع السلوكيات يتم عن طريق التفاعل مع البيئة في عملية تدعى الإشراط أو التكييف (conditioning) مع ظروف معينة محيطة بالشخص تسمى المحفزات. أي أن السلوك هو عبارة عن استجابة لتلك المحفزات [1]. وقد تم تطبيق هذه النظرية في علم اللغويات لتفسير عملية اكتساب اللغة الأم لدى الأطفال.

أساس النظرية السلوكية

يقوم المبدأ الأساسي للنظرية السلوكية على تحليلات السلوك البشري في التفاعلات التي تنطوي على استجابة محددة (response) لمحفز ما (stimulus)، والربط بين هذه الاستجابة وذاك المحفز. وكان عالم النفس الأمريكي إدوارد ثورندايك "Thorndike" أول من بحث في تفسير التعلم على أنه عملية خلق ارتباطات بين سلوك معين ونتائج هذا السلوك. كما طور عالم النفس الأمريكي ب. ف. سكينر "Skinner" نموذج الإشراط الإجرائي (operant conditioning) كجزء من نظرية التعلم القائمة على الاستجابة للمحفزات. حيث اعتبر سكينر أن التعلم بشكل عام هو عملية تأسيس عادات محددة، تنتج عن فعل التعزيز [2].

وعند البحث في الإشراط الإجرائي، تحدث سكينر عن نوعين من التعزيز يتلقاهما الشخص بناءً على سلوكه. فإما أن يتلقى تعزيزاً إيجابياً (positive reinforcement) عن طريق المكافأة (reward)، وهذا ما يثبّت السلوك محلّ الاهتمام. أو أنه يتلقى تعزيزاً سلبياً (negative reinforcement) عن طريق العقاب (punishment)، وهذا ما يحيّد السلوك غير المرغوب به [3].

السلوكية واكتساب اللغة

عند تطبيق السلوكية على عملية اكتساب اللغة، يقول سكينر أن الأطفال يعدلون استخدامهم للغة (أو يكيفوه!) كاستجابة للتعزيز. على سبيل المثال، قد يشعر الطفل بالجوع ويطلب الطعام باستخدام الكلمات المناسبة، كأن يقول "ماما، عشاء". وهذا ما يؤدي إلى تعزيز إيجابي لهذا السلوك – المتمثل باستخدام اللغة – عن طريق إعطائه الطعام بالفعل، أو تلقيه للمديح والتشجيع من مقدم الرعاية. بالمقابل، عند استخدامه للغة بطريقة غير صحيحة، كأن يستعمل كلمات في السياق الخاطئ، سيتم تصحيحه، أو بأبسط الحالات تجاهله. وهذا ما يمثل تعزيزاً سلبياً ينتج عنه تهميش السلوك غير المرغوب، أي الاستخدام الخاطئ للغة. إضافة لهذا، يلتقط الأطفال اللكنات واللهجات العامية للغة من البيئة المحيطة. وهذا ما يدل على أن المحاكاة تلعب دوراً في اكتساب اللغة [3].

أما في مرحلة الدراسة، يصبح استخدام اللغة أكثر دقة وتعقيداً. ويمكن تفسير هذا بأن للمعلمين دوراً أكثر فعالية من دور مقدمي الرعاية في تصحيح الأخطاء لدى الأطفال. كما يرى بعض الباحثين أن تصحيح مقدمي الرعاية لأخطاء الأطفال هو تصحيح للمحتوى أكثر من تصحيح القواعد والتراكيب اللغوية. أي عندما ينطق الطفل بعبارة صحيحة من حيث المحتوى ولكنها خاطئة قواعدياً، سيتلقى تعزيزاً إيجابياً من مقدمي الرعاية بناءً على صحة حديثه. أما إذا حدث العكس، أي إذا استخدم الطفل لغة سليمة من ناحية القواعد ولكنها لا تنقل رسالة صحيحة المحتوى، فسيكون التعزيز سلبياً. فمقدمو الرعاية يهتمون بصحة الكلام وصدقه أكثر من دقته اللغوية. وتعتبر هذه من نقاط الضعف ضد النظرية السلوكية، حيث أن اللغة التي يسمعها الطفل ليست صحيحةً كل الوقت [3].

مواطن ضعف النظرية السلوكية

إذاً تواجه النظرية السلوكية انتقاداتٍ متعلقةً بمحدودية بعض أفكارها. كما ذُكر سابقاً، يصعب شرح كيفية اكتساب الأطفال للصيغ القواعدية في الوقت الذي لا يتلقون فيه تعزيزاً كافياً من هذه الناحية، أي قبل دخولهم للمدرسة. وأيضاً، يرى بعض الباحثين أن عملية التعزيز الإيجابي هي بطيئة مقارنة مع كمية المفردات التي يكتسبها الأطفال في سنوات اكتسابهم للغة. ثم إن النظرية السلوكية لا تشرح الاختلافات الفردية كتلك المرتبطة بمستوى الذكاء. وأخيراً، فإن الطبيعة المعقدة للعديد من جوانب اكتساب اللغة تجعل شرحها بطريقة الإشراط الإجرائي أمراً غير كافٍ [4].
#دوري_الأبطال #خلاصة_كتاب #كتب #من_الصفر 

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق